صرخة اشتياق
عندما يعم الصمت أرجاء المكان
فلا تجد من يشاركك الأحزان
تتشقق الوجوه وتسقط الأقنعة
ويصدر أنين من بين ثنايا الجدران
ليصف قسوة وجمود قلب إنسان
أي إنسان
ذاك الذي يستمتع بآهاتك ويغزل منها أغان وألحان
صادفني ذاك الشعور يوما في قديم الزمان
عندما وجدت نفسي فجأة أشيب ولم ابلغ من العمر سنوات ثمان
بعد فقدان والدي وشعوري بالحرمان
انتبهت للوجوه من حولي فرأيتها ممسوحة الملامح فلم أميز القسوة من الحنان
اكتفيت بدفتر وقلم أصادقه
أتحدث معه
أبكي وتسقط دموعي
تغسل الكلمات
فيمتصها
ويحتفظ بها
فأصبحت صداقته
لحياتي عنوان
في مخيلتي
مازلت احتفظ لأبي ببعض الذكريات
التي لم ولن يخطو عليها الزمان
ونظارة له كنت أراه دائما جالسا خلفها
يطالع العالم من خلالها
وابتسامة حنونة كان يقابلني بها
آآآه كم كنت اشعر وقتها بالراحة والأمان !
وحركة بعينيه وحاجبيه
كانت تصدر عنه كلما انزعج
أو أخد يفكر في أمر أيان كان
ووسادة كان دائما يغطي وجهه بها عند النوم
فاحتفظت بها فكانت تذكرتي لعالم الأحلام
متأملة أن يأتي يوما ويزورني في المنام
ألن تزورني يا أبي
ألا تشعر بحالتي وما بي
أشعر بالغيرة كلما سمعت أنك أتيت
تنهمر دموعي ولا أشعر أنني بكيت
فلن تكفيني أنهارا من الدموع
حتى لو انطفأت من عيني الشموع
فلن أستطيع أن أعبر عن مدى حزني
وشوقي إليك
إشتقت اليك أبي
رحمة الله عليك
بقلم
الطير المهاجر
مايسة البانوبي