ركز
جهودك أيها الأب في تأديب الأكبر من أبنائك حتى يكون قدوة للآخرين وأسند
إليه في بعض الأحيان مراقبة الأسرة وتدبيرها، عسى أن يشعر بالمسؤولية
ويستقيم.
2 ـ إذا أراد أحد أولادك حاجة، ولم تتيسر له، فاؤمره بالصبر، وذكره بفوائده
حتى يعتاده فقد قال رسول الله ص: "وما أعطي أحد عطاء خيراً أوسع من الصبر"
(متفق عليه).
3 ـ لاتترك أولادك يعاملونك بسياسة "التستر" بينهم لأن ذلك يغطي عنك
أمراضهم العقلية والخلقية، وبصفتك أباهم ومؤدبهم الأول يجب أن تعرف عنهم كل
شيء حتى تعالج العلة.
4 ـ رغِّب أولادك في توقير الكبير، ورحمة الصغير، وحب المساكين والداعين
إلى الخير وحبب لهم ما يقومون به من أمر بمعروف ونهي عن منكر.
5 ـ إذا ناولت أحد أولادك شيئاً يفرح به فاطلب منه الدعاء لك بالجنة والنجاة من النار، حتى يفهم أن هنالك "جنة تطلب وناراً تُتقى".
6 ـ القرآن أعز شيء على المسلم، فهو كلام الله، أنزله على قلب محمد ص،
للناس كافة، وأمرهم بتلاوته وتعلمه، وتعظيمه والعمل به، ومن ثمَّ جعل لنفسك
ولأولادك منه حظاً وافراً، واعلم أنه مع كثرة استعمال أولادنا للمصاحف
الشريفة لابد من أن يحدث تمزق في بعض أوراقها، وقد تسقط سهواً أو جهلاً بعض
من هذه الأوراق على الأرض، وفيها كلام الله عز وجل، فيجب علينا ملاحظة ذلك
ورفع كل ورقة نجد فيها ذكر الله أو اسمه أو كلامه، أو حديث الرسول ص وأن
نرغِّب أولادنا في فعل ذلك وتربيتهم عليه.
7 ـ جنِّب أولادك الترف، وعوِّدهم الخشونة، فالترف يضعف إرادة النفس
ويثنيها عن المطالب العالية التي تتطلب صبراً وجهداً وقد ذم الله عز وجل
المترفين في مواضع من القرآن منها قوله تعالى: وما أرسلنا في قرية من نذير
إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون (34) (سبأ)، أما الخشونة فمن
خصائص الرجال.
8 ـ إن من الأخيار من يحاول إصلاح الأولاد في الأسواق والمجتمعات، ويأمرهم
بالمعروف وينهاهم عن المنكر، فإذا صادف ولدك أحد هؤلاء، ووقع بينهما
مشاجرة، ورفع إليك أمره في ذلك فكن على ولدك، ولا تكن معه، فإن ذلك يجعل
هذا الخيِّر يتوارى في المستقبل عن هؤلاء الأخيار الذين لا قصد لهم إلا عمل
الخير حيث لا تخسر الأمة هذا النوع من الرجال.
9 ـ لا تحبب لولدك أسباب الزينة إلا على القدر المشروع ولا أسباب الرفاهية فيضيع عمره فيها إذا كبر، لأن من شب على شيء شاب عليه.
10 ـ لا تدعُ على أولادك إلا بالصلاح والهداية، فإن دعاء الوالد مستجاب على
ولده، وقل كما قال إبراهيم عليه السلام: رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي
(إبراهيم:40).
11 ـ كن ـ أيها الرجل ـ رئيس بيتك الذي يمارس دوره كاملاً في التأديب
والأمر والنهي بكل لطف كما قال الله عز وجل: الرجال قوامون على النساء بما
فضل الله بعضهم على" بعض وبما أنفقوا من أموالهم (النساء:34)، وللرجال
عليهن درجة (البقرة:228)، رفعة ورياسة وزيادة حق، واجعل إجراءات تربية
الأولاد بينك وبين زوجتك سراً.
12 ـ ذكِّر أولادك وأهلك بالموت والقبر وبالقيامة والجنة والنار ولا تجعل
ذلك بعيداً عنهم، فالأجل إذا جاء لا يؤخر. وفي الحديث: "الجنة أقرب إلى
أحدكم من شراك نعله، والنار مثل ذلك" (رواه البخاري وأحمد).
13 ـ لاتتهاون مع أولادك إذا خالفوا أمرك إلا أن يقابلوك بعذر، وعند ذلك
اسمح بعد التأكد منه ألا يعود إلى المخالفة ولا تحقق في العذر إذا كان
الولد صغيراً، والأمر هيناً فالخصام مشقة، والقسوة نفور قال تعالى: وأن
تعفوا أقرب للتقوى" (البقرة:237)، وقال النبي ص: "سددوا وقاربوا" و"يسروا
ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا".
14 ـ لا تكن صارماً على الأولاد كل الصرامة إلا عند التعدي على حدود الله
بالمجاهرة، واعلم أن التخويف بالضرب في أكثر الأوقات أحسن من ذوقه.
15 ـ لاتكن لعاناً فيعتادوه، ولاحلافاً فينتهكوه، ولكن كن ليناً في شدة، وشديداً في لين.
16 ـ إذا كان الولد بعيداً عن البلد الذي أنت فيه، فأرسل إليه الوصايا
بتوقي الله وطاعته، لأن غيابه وبعده منك يزيده حباً وتعلقاً واشتياقاً
لرؤيتك. فإذا قدمت إليه وصيتك تلقاها مستبشراً وتلاها بقلب واع ونظر ثاقب.
17 ـ لا تُعط ولدك السفيه النقود بكثرة، لأن ذلك يضره أكثر مما ينفعه وليس
هذا من الكرم ولا من المنفعه له في شيء.. ومن لم يتدبر العواقب كان بلا شك
من النادمين.
18 ـ الولد بطبيعته يحب التفوق على زملائه عند معلمه وبصفتك أباه ومعلمه
الأكبر اجعل التفوق عندك بين أبنائك لمن استمسك بالدين والأخلاق وحافظ على
الصلاة في جماعة.
19 ـ لاتسأم من إسداء الأوامر لأولادك بالخير والنواهي عن الشر ظناً منك
بعدم تأثيرهما، ولكن جُد بها واجتهد، فالأوامر بالتبشير والنواهي بالنذر مع
سلامة العقل وصلاح النية ـ بعون الله ـ بالغة منتهاها في تمام المعرفة.
وأخيراً: أطب مطعمك ومطعم أولادك وأهلك، واستعن بالله واقصده بعملك وأحسن
الظن به وجاهد في سبيله وأبشر، فهو يقول سبحانه: والذين جاهدوا فينا
لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين 69 (العنكبوت).