قال القرطبي فى التذكره ( 645 )
ذكر عبد الملك بن حبيب انه قال فى قول الله عز و جل فى قصة ذى القرنين :
( فاتبع سبباً ) يعنى منازل الأرض ومعاليها وطرقها ( حتى بلغ بين السدين ) يعنى الجبلين اللذين خلفهم يأجوج ومأجوج (وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْمًا لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا) أي كلاما .... إلى قوله تعالى: (عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا) ....
( فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا ) ..... ذكر القرطبي :
و فى تفسير الحوفي أبى الحسن : أن ذا القرنين لما عاين ذالك منهم إنصرف إلى مابين الصدفين فقاس ما بينهما وهو فى منقطع الترك مما يلى مشرق الشمس، فوجد بعد ما بينهما مائه فرسخ فلما أنشأ فى عمله ((حفر له اساسأ حتى إذا بلغ الماء جعل عرضه خمسين فرسخاً وجعل حشوة الصخور وطينة النحاس يذاب ثم يصب عليه ((فصار كانه عرق من جبل تحت الأرض )) ثم علاه وشرفه ب*** الحديد والنحاس المذاب وجعل خلاله عرقاً من نحاس فصار كانه برد حبرة من صفرة النحاس وحمرته وسواد الحديد، فلما فرغ منه واحكمه انطلق عائد الى جماعة الانس والجن (أ هـ)
و روى البخارى أن رجلاً قال للنبى صلى الله عليه وسلم : رأيت السد قال، وكيف رأيته؟ قال: مثل البرد المحبر قال قد رايته .
و قال الطبرى فى تفسيره:
قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى :
قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْر فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَل بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ رَدْمًا } يَقُولهُ تَعَالَى ذِكْره : قَالَ ذُو الْقَرْنَيْنِ : الَّذِي مَكَّنَنِي فِي عَمَل مَا سَأَلْتُمُونِي مِنْ السَّدّ بَيْنكُمْ وَبَيْن هَؤُلَاءِ الْقَوْم رَبِّي وَوَطَّأَهُ لِي , وَقَوَّانِي عَلَيْهِ , خَيْر مِنْ جَعْلكُمْ , وَالْأُجْرَة الَّتِي تَعْرِضُونَهَا عَلَيَّ لِبِنَاءِ ذَلِكَ , وَأَكْثَر وَأَطْيَب , وَلَكِنْ أَعِينُونِي مِنْكُمْ بِقُوَّةٍ , أَعِينُونِي بِفَعَلَةٍ وَصُنَّاع يُحْسِنُونَ الْبِنَاء وَالْعَمَل . كَمَا : 17592 - حَدَّثَنَا الْقَاسِم , قَالَ : ثنا الْحُسَيْن , قَالَ : ثني حَجَّاج , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد { قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْر فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ } قَالَ : بِرِجَالٍ { أَجْعَل بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ رَدْمًا } وَقَالَ مَا مَكَّنِّي , فَأُدْغِمَ إِحْدَى النُّونَيْنِ فِي الْأُخْرَى , وَإِنَّمَا هُوَ مَا مَكَّنَنِي فِيهِ . وَقَوْله : { أَجْعَل بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ رَدْمًا } يَقُول : أَجْعَل بَيْنكُمْ وَبَيْن يَأْجُوج وَمَأْجُوج رَدْمًا .
وَالرَّدْم : حَاجِز الْحَائِط وَالسَّدّ , إِلَّا أَنَّهُ أَمْنَع مِنْهُ وَأَشَدّ , يُقَال مِنْهُ : ((قَدْ رَدَمَ فُلَان مَوْضِع كَذَا يَرْدِمهُ رَدْمًا وَرُدَامًا وَيُقَال أَيْضًا : ((رَدَّمَ ثَوْبه يُرَدِّمهُ , وَهُوَ ثَوْب مُرَدَّم : ((إِذَا كَانَ كَثِير الرِّقَاع)) ; وَمِنْهُ قَوْل عَنْتَرَة : هَلْ غَادَرَ الشُّعَرَاء مِنْ مُتَرَدَّم أَمْ هَلْ عَرَفْت الدَّار بَعْد تَوَهُّم وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 17593 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { أَجْعَل بَيْنكُمْ وَبَيْنهمْ رَدْمًا } قَالَ : هُوَ كَأَشَدّ الْحِجَاب . 17594 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : ذُكِرَ لَنَا أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا نَبِيّ اللَّه قَدْ رَأَيْت سَدَّ يَأْجُوج وَمَأْجُوج , قَالَ : " اِنْعَتْهُ لِي " , قَالَ : كَأَنَّهُ الْبُرْد الْمُحَبَّر , طَرِيقَة سَوْدَاء , وَطَرِيقَة حَمْرَاء , قَالَ : " قَدْ رَأَيْته " (أ هـ) .
قلت : وبعد هذا الايفهم بان معنى الردم هو أنة يتجه الى جوف الأرض والردم الى الاسفل،
وكما تقول العرب ردمت البئر وردمت القبر ويستقيم المعنى لنا بأن السد أو الردم الذي بيننا وبينهم أشبه بسد أغلق وردم على بوابة مغارة وكهف عظيم بين جبلين يمتد إلى أعماق الأرض .
ثم اليك هذه الاحاديث التى توكد لنا بأن يأجوج ومأ جوج فى باطن الارض وليس على سطح الأرض وهو انهم ايضا محجوبون عن الشمس ولا يكادوا يرونها.
عن ابى هريره رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: فتح الله من ردم يأجوج ومأ جوج مثل هذه ، وعقد بيده تسعين )
البخارى 3347 وطرفة 7136
عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
إن يأجوج ومأجوج يحفران كل يوم ((حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس)) قال الذي عليهم ارجعوا فستحفرونه غداً ، فيعيده الله أشد ماكان حتى إذا بلغت مدتهم وأراد الله أن يبعثهم على الناس حفروا ((حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس)) قال أرجعوا فستحفرونه غداً إن شاء الله ، فيرجعون إليه وهو كهيئته حين تركوه فيحفرونه ويخرجون على الناس فينشفون الماء ويتحصن الناس منهم في حصونهم فيرمون سهامهم إلى السماء فيرجع إليها الدم . الذى احفظ . فيقولون قهرنا أهل الأرض وعلونا أهل السماء فيبعث الله نغفاً فى أقفائهم فيقتلون ،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذى نفسى بيده إن دواب الأرض تسمن وتشكر شكراً من كثرة ماتأكل من لحمومهم.
احمد ( ج2 ص510 –511 ) الترمذى ( ج 3153/5 )
والحديث صحيح ابن ماجه (4080 ) وفى مجمع الزوائد قال الهيثمي اسناده صحيح ورجاله ثقات
و ذكر القرطبى فى التذكرة فى باب ما جاء فى نقب يأجوج ومأجوج السد صفحه (638 )
و روي عن الاوزعى أنه قال : الأرض سبعة أجزاء فسته أجزاء منها:
يأجوج ومأجوج وجزء فيه سائر الخلق.
و روي عن قتاده أنه قال:
الأرض أربعة وعشرون الف فرسخ ( يعنى الجزء الذى فيه سائر الخلق غير يأجوج ومأجوج ) ، فاثنا عشر للهند والسند، وثمانية آلاف للصين، وثلاثه آلاف للروم، و الف فرسخ للعرب .
قلت : والذى يفهم من تدبر هذان الحديثان هو ان الأرض والجزء الذى فيه يأجوج ومأجوج هي غير الارض الذى فيه سائر الخلق، وهم في جزء ليسوا ضمن قسم النسبه التي وردت في الحديث كما نسميها اليوم بالقارات والانتشار السكانى والعرقى على سطح الارض .
فقال
12000 للهند والسند
8000 للصين
3000 للروم
1000 للعرب
ـــــــــــــ
24000
و بمعنى اخر: أن هذا التقسيم هو أشبه وأقرب بما نعلم اليوم ان الأرض اليابسه تشكل نسيه 28% والباقى 71 % ماء
وهذه اليابسه هى مانسميها القارات كامريكا واسيا وافريقيا واستراليا وغيرها
و بالعوده للحديث السابق :
قال الارض أربعة وعشرون الف فرسخ 24000 فرسخ
ثم قال ( يعنى الجزء الذى فيه سائر الخلق غير يأجوج ومأجوج )
ــــ الحديث
قال الحافط فى فتح البارى فى كتاب احاديث الانبياء في شرح الحديث ( 3348 )
اخرج الحاكم من حديث ابى هريره قال النبى صلى الله عليه وسلم :
لا ادرى ذو القرنين كان نبيا أو لا ) ، و ذكر وهب فى ( المبتداء ) أنه كان عبداً صالحاً وان الله بعثه الى أربعة أمم ((أمتين بينهما طول الأرض وأمتين بينهما عرض الارض)) وهى ناسك ومنسك وتاويل وهاويل، فذكر قصه طويله حكاها الثعلبي فى تفسيره ( أ . هـ )
قلت وهذا الحديث بحاجة إلى وقفة وتدبر. ومزيدا من النقاش .
واضيف ولنتدبر من جانب اخر قول الله تبارك وتعالى : لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى . سورة طه (6) .
ونتدبر قولة تعالى : (أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ) سورة النمل (25).